Text size
Bulgarian National Radio © 2024 All Rights Reserved

توحيد بلغاريا ضد هيمنة القوى العظمى

БНР Новини

حقق الشعب البلغاري في السادس من أيلول قبل 130 عاما أحد أهم إنجازاته في تاريخه الحديث ألا وهو التوحيد بين شمال بلغاريا وجنوبها وذلك بعد سبع سنوات على تحرير البلاد من النير العثماني الذي عانت منه طوال خمسة قرون. فقد نالت بلغاريا حريتها أثناء الحرب الروسية-العثمانية التي دارت رحاها عامي 1877 و1878 وانتهت بانتصار روسيا. وتنص معاهدة سان ستيفانو التمهيدية على ضم الأراضي البلغارية المناطق التي معظم سكانها من البلغار. إلا أن معاهدة القوى العظمى التي عقدت في برلين مزقت الأراضي البلغارية تمزيقا فقد شكلت الأراضي الكائنة ما بين نهر الدانوب وجبل البلقان إضافة إلى منطقة صوفيا إمارة بلغاريا في حين أن الأراضي بلغاريا الجنوبية بقيت تحت رئاسة السلطان العثماني وإن كانت في حالة حكم إداري ذاتي ألا وهي محافظة الروملي الشرقية وعاصمتها بلوفديف. أما أراضي مقدونيا وتراقيا أدرنة فتم ردها إلى الإمبراطورية العثمانية.

وقال السيد ستيفان شيفاتشيف، مدير المتحف التاريخي الإقليمي في مدينة بلوفديف، في حديث لإذاعة بلغاريا:

"لقد كان القرن التاسع عشر قرن هيمنة الدول العظمى حيث رسمت المؤتمرات الدولية في كل من باريس وفيينا وبرلين مستقبل أوروبا والعالم كله لعشرات السنين. ولم يتجرأ أي شعب صغير على معارضة سيطرة القوى العظمى حتى عام 1885 الذي شهد ما لم يشهده العالم قبلها ألا وهو اعتراض الشعب البلغاري على هذه الهيمنة فبيد أن الجميع يعترفون بأن معاهدة برلين تظلم البلغار ظلما شديدا إلا أنه لم يخطر على أي واحد أنه يمكن تجاوز بنوده وذلك بإرادة الشعب البلغاري. فحتى روسيا العظيمة لم تسمح لنفسها بجهار فكرة توحيد بلغاريا وإعادة النظر في قرارات مؤتمر برلين. وهذا ما شهدته أوروبا في السادس من أيلول عام 1885 عقب طول تأهب الثوار البلغار القدماء الذين أسسوا لجانا في جميع أنحاء الروملي الشرقية وذلك مع علم الأمير البلغاري ألكسندر باتينبيرغ وإعداد العساكر خططهم للإعلان عن عملية التوحيد."

Снимка

إلا أنه تحتم على بلغاريا الدفاع عن وحدة أراضيها فقد هجمت عليها صربيا فانتشرت القوات العسكرية البلغارية على الحدود المشتركة في غضون مدة قياسية آنذاك. ومهما كانت العوائق الواقعة في طريق الوحدة فإنها توجت بالنجاح في آخر المطاف لأنها تحققت في عقول البلغار أجمعين وقلوبهم منذ البداية نفسها كما يقول الكاتب البلغاري العظيم إيفان فازوف ومعاصر تلك الأحداث.

"إن توحيد بلغاريا لأول حدث في تاريخ البلاد اجتمع فيه البلغار كلهم حول فكرة وطنية واحدة وعملوا على تحقيقها فلما أعلن الثوار البلغار إنجاز توحيد البلاد في السادس من أيلول وذلك بمساعدة الجيش البلغاري والشرطة الروملية وضعوا حماية الوحدة ومصيرها بين يدي أمير البلاد ونخبتها السياسية وقياداتها من رئيس مجلس الشعب ستيفان ستامبولوف ورئيس الوزراء بيتكو كارافيلوف ووزير الخارجية إيليا تسانوف والدبلوماسيين البلغار. فتلاحقت شهور شارك فيها أبرز البلغار في وفود إلى الملك الروسي وحكومات كل الدول العظيمة في أوروبا وذلك كله في سبيل الترويج للقضية البلغارية."

Снимка

ورغم تواضع خبرة الجيش البلغاري الذي يقوده نقباء فقد نجح في إحراز الانتصار على القوات الصربية التي تطورت طيلة نصف قرن وهي تحت أمر الجنرالات.

"يعتبر توحيد الأراضي البلغارية أهم الأحداث التي شهدتها القارة العجوز سنتئذ حيث أفردت الصحف الأوروبية له أولى صفحاتها وتناولته جميع وكالات الأنباء. فهذا هو الموقف الأول الذي ظهر البلغار على المشهد الأوروبي شعبا ذا قدرات سياسية وإبداعية وليس مجرد شعب تعرض للمذابح والمجازر الجماعية الوحشية خلال انتفاضة نيسان عام 1876 وضحى بنفسه في معارك حرب التحرير الروسية العثمانية."

يزور المتحف التاريخي الإقليمي في مدينة بلوفديف مجلس الشعب في صوفيا هذا العام بمعرض مكرس لذكرى 130 عاما على توحيد بلغاريا. حيث يضم شهادات بعض معاصري تلك الأحداث وشهود عيانها فضلا عن نسخة من عمل فني ضخم يصور مؤتمر برلين رسمها الفنان الألماني الكبير أنتون فون فيرنير الذي جسد جلسات المؤتمر بما في ذلك جميع الديبلوماسيين الرئيسيين. ويستضيف اللوحة مقر بلدية برلين حاليا. بينما صورت استقبال الأمير ألكسندر باتينبيرغ في مدينة بلوفديف في التاسع من أيلول لوحة الفنان الإيطالي بييترو مونتاني وهو رئيس المهندسين المعماريين في الروملي الشرقية ورسام بارع. وقد جسد في عمله الفني مناظر المدينة وقتذاك مضيفا قوسا خياليا شبيها بأقواس باريس وضعه في ساحة "جوماياتا" بعاصمة الروملي الشرقية. أما الرسام النمساوي فرانتس ياشكي فصور قدوم الأمير والإعلان عن وحدة بلغاريا وهو في فيينا دون أية زيارة لبلوفديف واستند في رسوماته على الأوصاف الواردة في الصحافة ورغم ذلك أفلح في تقديم صورة واقعية للمدينة البلغارية. كما أن المعرض يضم صورا فوتوغرافية لم يعرض بعضها لأول مرة منها صورة لقرابة 400 متطوع بلغاري من مقدونيا دافعوا عن الوحدة وشاركوا في الحرب الصربية-البلغارية.

"نود عرض وجوه الناس الذين يعود إليهم الفضل الحقيقي في إنجاح توحيد البلاد. فهم الذين أعدوه وأعلنوا عنه ودافعوا عنه بمن فيهم الثوار والسياسيون والوزراء والدبلوماسيون فضلا عن عامة الشعب البلغاري الذين حملوا السلاح الرديء طوعا في سبيل الدفاع عن القضية السامية."

ومن ثمار مؤتمر علمي مكرس لتوحيد بلغاريا إصدار مجموعة مقالات لمؤرخين بلغار مشهورين ما زالت مفتوحة لمزيد من الحقائق الخاصة بهذا الإنجاز التاريخي وجميع من ساهموا في تحقيقه.

Снимка


Последвайте ни и в Google News Showcase, за да научите най-важното от деня!

More from category

كاتدرائية "القديس ألكسندر نيفسكي" تحتفل بعيد راعيها

تحتفل الكاتدرائية البطريركية "القديس الكسندر نيفسكي" اليوم بعيد راعيها وتكريم شفيعها، الأمير الكسندر نيفسكي. القديس الذي تحفظ رفاته في المعبد. شُيّد المعبد تكريماً للإمبراطور الروسي ألكسندر الثاني، الذي يدعى أيضاً بـ"القيصر المُحرر"، حيث قام جيشه في..

نشر بتاريخ ٢٣‏/١١‏/٢٠١٦ ١:٢٧ م

فسيفساء قديمة تضيف سحر الرجعية في المدينة تحت التلال

واحدة من أقدم المدن في أوروبا - بلوفديفتواصل الى كشف أسرارها. وهنا يتعلق الأمر بالكاتدرائية الكبيرة من فيليبوبوليس السابقة، سلف البلدة الحالية. لقد كانت مهمة علماء الآثار خلال الموسم لاستكشاف الجزء الشمالي من المعبد، و بلاطه الرئيسي ايضا. على الأرضية..

نشر بتاريخ ١٦‏/١١‏/٢٠١٦ ١:٣٧ م

عيد الملاك الجليل ميخائيل

حسب التقاليد الكنيسة يصادف يوم الثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني عيد لكامل ملكوت السماوات. ففي التقاليد الشعبية ومن محبة الناس يتسمى باسم الملاك ميخائيل الكثير من المؤمنين ويعتبرونه الأقرب الى الرب. وفي هذا اليوم، الثامن من نوفمبر، يجمع كل الملائكة مع..

نشر بتاريخ ٨‏/١١‏/٢٠١٦ ١٢:٠٠ م